ادارة التغيرات المناخية.. التحديات والمواجهة
DOI:
https://doi.org/10.56967/ejfb2023324الكلمات المفتاحية:
تغير المناخالملخص
تتجه أنظار العالم بشكل عام والعالم النامي على وجه الخصوص، وفي مقدمته دول العالم العربي إلى القدرة على تحقيق مزيد من التقدم نحو انجاز أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. في هذا الصدد تواجه قضية تحقيق التنمية المستدامة العديد من التحديات التي برزت في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها ما يعرف بالتغيرات المناخية. يرجع السبب في التركيز على التغيرات المناخية، إلى نتائج العديد من الدراسات التي أثبتت أن جزء كبير من هذه التغيرات بات نتيجة النشاط البشري، ولم يعد فقط بسبب الطبيعة كما كان من قبل. وتشير الشواهد إلى أن تغير المناخ وما يترتب عليه من تأُثيرات سلبية على أبعاد مختلفة منها النشاط الزراعي والأمن الغذائي والبنية التحتية وصحة الانسان وسبل العيش، يمثل أحد التحديات الرئيسية لتحقيق عملية التنمية المستدامة وكذلك يعرض الكثير من الجوانب المختلفة بسوق العمل للخطر. ترتب على ما سبق، أهمية تحديد السياسات والحلول اللازمة سواء للتخفيف من التأثيرات المختلفة للتغيرات المناخية أو للتكيف معها.
وفي نفس السياق، تشير الأدلة والدراسات المختلفة إلى أن المنطقة العربية على الرغم من كونها لا تساهم بنصيب نسبي كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كمسبب رئيسي للتغيرات المناخية، إلا أن دول المنطقة ستكون من بين الأكثر تأثراً بالعديد من التغيرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض التساقطات وما يترتب عليها من جفاف. هذا بالإضافة إلى توقع أن تتأثر دول المنطقة بالأحداث المناخية المتطرفة، وعلى رأسها العواصف الترابية والرملية وما قد يترتب عليها من كوارث طبيعية وخسائر بشرية.
لقد أصبحت التغيرات المناخية وآثارها المحتملة هي الشغل الشاغل لدى دول العالم خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد أن غدت واقعا ملموسا يعاني منه كل إنسان في هذا العالم، فلا تعوقها حدود جغرافية أو سياسية، ولا تقل خطرا عن الحروب والنزاعات المسلحة. إن تغير المناخ يُعد أخطر نتائج العبث الإنساني بالبيئة فالأنشطة البشرية المتنامية وما نتج عنها من تدمير للبيئة أحدثت خلل التغير المناخي والتأثيرات السلبية التي نجمت عن هذا الخلل، من تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، وارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي، إلى الجفاف وندرة المياه وحرائق الغابات والأعاصير .
ويُقصد بالتغير المناخي: “أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة، يمكن أن يشمل حالة الطقس ومعدل درجات الحرارة ومعدل التساقط وحالة الرياح”. ووفقا لتعريف وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” فإن تغير المناخ: “ظاهرة عالمية واسعة الانتشار، تنشأ في الغالب عن طريق حرق الوقود، الذى يطلق إلى الغلاف الجوي غازات حابسة للحرارة (الغازات الدفيئة) ” Greenhouse gases” (بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، والميثان وأكسيد النيتروز)، وتشمل الظاهرة تغييرات أخرى مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وفقدان الكتلة الجليدية في القطب الشمالي وأنتاركتيكا والجبال الجليدية في جميع أنحاء العالم، وتغير مواعيد تفتح الأزهار، وأحداث الطقس الشديدة”.
وعلى الرغم من أن هناك أسباب طبيعية في تغير المناخ لا دخل للإنسان بها، مثل التغيرات في الدورة الشمسية والتغيرات في دورة المياه في المحيط، إلا أن الإنسان هو المتهم الأول في حدوث خلل التغير المناخي، فمنذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ.. فبحسب تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) فإن “هناك احتمال كبير جدا (يزيد عن 95 % )على أن الأنشطة البشرية على مدى السنوات الخمسين الماضية قد زادت درجة حرارة الكوكب”.
ويرجع تغير المناخ في الأساس إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، وما ينتج عنه من انبعاثات لغازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
وتشمل أمثلة انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان، والتي تنتج، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني، وقد أشارت ) (IPCC إلى أن الأنشطة الصناعية رفعت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من 280 جزءا في المليون إلى 400 جزء في المليون خلال الخمسين عاما الماضية.
ويمكن أيضا أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. كما تُعتبر مدافن القمامة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات غاز الميثان. ويُعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية.
على مدار نصف القرن الماضي، أدى التغير المناخي إلى تفاقم التفاوت بين دول العالم، إذ عرقل النمو في الدول الأكثر فقرا، بينما ساهم بدرجة كبيرة في زيادة معدلات الرفاهية لدى بعض الدول الأكثر ثراء.. وكشفت دراسة حديثة عن أن الفجوة بين الدول الأشد فقرا وتلك الأكثر ثراء تزيد الآن بنسبة 25% عما كانت ستصبح عليه لو لم تشهد الأرض ظاهرة التغير المناخي، وما ينتج عنها من ارتفاع لدرجة حرارة الكوكب.
إن آثار التغير المناخي واسعة النطاق وغير مسبوقة، ونرصد أهمها – وفق ما ورد في تقرير IPCC عن تغير المناخ والذى جاء بعنوان” ملخص لصانعي السياسات ”،وهي كالتالي:
- تزايد تواتر الظواهر المرتبطة بالحرارة ومن بينها موجات الحر، وشدتها ومدتها.
- زيادة الاضطراب في الغابات الشمالية، بما يشمل الجفاف وحرائق الغابات.
- تزايد تواتر حالات الجفاف وشدتها بوجه خاص في إقليم البحر الأبيض المتوسط والجنوب إفريقي.
- تزايد ظواهر سقوط الأمطار المتطرفة وشدتها في أقاليم كثيرة.
- انخفاضات في إنتاجية المحاصيل والماشية، وتعديل مزيج أنواع النباتات.
- اضطراب في السلاسل الغذائية، وتهديد سبل العيش، والحد من التنوع البيولوجي.
- تغير خريطة الإنتاج الغذائي في العالم، وتغير مراكز إنتاج الغذاء حيث تنتقل إلى مناطق ذات ظروف مناخية أكثر ملائمة، الأمر الذى ينبئ باختلاف ميزان القوى بين الدول المصدرة للغذاء والدول المستوردة له.
- ارتفاع أسعار الأغذية بنسبة تصل إلى12 % بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء، وزيادة مخاطر عدم الأمن الغذائي.
- زيادة معدل الوفيات الناجمة عن الحرارة، وعن التغيرات الطارئة على نواقل الأمراض المعدية في بعض المناطق.
- تعرض الكثير من الأرواح وسبل العيش للخطر في المناطق العرضة للأعاصير والفيضانات.
- زيادة الهجرة ونزوح السكان داخل البلدان وعبر الحدود على حد سواء.
- زيادة أخطار اندلاع نزاعات مسلحة جراء مفاقمة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
- تأثر بعض الأنشطة البشرية في القطب الشمالي (مثل القنص والسفر فوق الثلج والجليد) وكذلك في المناطق المنخفضة من جبال الألب (مثل الرياضة الجبلية).
هذا ويحذر تقرير صادر عن البنك الدولي من أن التغيرات المناخية تهدد بوقوع أكثر من 100 مليون شخص في براثن الفقر بحلول عام 2030.
لذا نواجه تحديات كبيرة، ولكننا لدينا العديد من الحلول
يمكن أن تحقق العديد من حلول تغير المناخ فوائد اقتصادية مع تحسين حياتنا وحماية البيئة، وتم إبرام اتفاقيات عالمية لتوجيه لإرشاد وتوجيه الجهد العالمي للتصدي لتغير المناخ، مثل الاتفاقية الإطارية بشأن تغیر المناخ واتفاقية باريس.
هناك ثلاث فئات عامة من الإجراءات ينبغي اتخاذها، وهي: خفض الانبعاثات، والتكيف مع تأثيرات المناخ، وتمويل التعديلات المطلوبة.
سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، إلى تقليل الانبعاثات المسببة لتغير المناخ.
وعلينا أن نبدأ الآن، فيلزم تحالف متنام من البلدان بالوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، على أن يتم خفض الانبعاثات بحوالي النصف بحلول عام 2030 للحفاظ على الاحترار بأقل من 1.5 درجة مئوية، ويجب أن ينخفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6 % تقريبًا سنويًا خلال العقد 2020-2030.
التنزيلات
التنزيلات
منشور
كيفية الاقتباس
إصدار
القسم
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2023 نغم حسين نعمة
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.
هذه هي مقالة منشورة بنمط الوصول الحر وموزعة تحت شروط ترخيص المشاع الابداعي نسب المصنف (CC BY) 4.0 دولي التي تسمح بالاستخدام غير المقيد، التوزيع، واعادة الانتاج في أي وسيط أو صيغة، والتحوير أو البناء على المادة، بما في ذلك للأغراض التجارية، شريطة أن يتم نسب العمل للمؤلف الأصلي.